حكومة مايو
1969ـ 1985م
إعداد / الطالب : عبد الرحمن طاهر نور إشراف / د. معتصم أحمد علي
2009م
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين
فإننا سنتناول جزءا من سياسة السودان فنخص فيها نظام حكومة جعفر النميري (رحمه الله)السابقة باختصار .
إن السيد الرئيس جعفر النميري لم يكن شخصية غامضة بل الكل يعرفه ولا سيما بعد توليه الحكم سنة 1969م حيث اشتهر بنظامه الفريد ، الذي أسس أسسا قوية للدولة السودانية ، ومهد الطريق للحكومات القادمة في مجالات مختلفة .
لم يكن الإنقلاب العسكري الذي أطاح بنظامه في سنة 1985م قد مسح بصماته اللامعة في صفحات التاريخ السوداني الذي شهد له بالعديد من الإنجازات بغض النظر عن اتجاهاتها .
فالشعب السوداني أعده رمزا من رموزه التي يفتخر بها وأكبر دليل على ذلك تشييع جنازته التي توافد إليها الشعب السوداني من جميع أطيافه .
المشير / جعفر النميري : يوصف بالشجاعة والصدق والصراحة جاء إلى الحكم فقيرا وذهب منه فقيرا ، نتناول في هذه المقالة فترة حكمه بموجز .
وكان هذا النظام أخذ أشكالا كثيرة ، فترة سيطر فيها العسكر وأخرى جلب فيها العديد من المدنيين ثم فترة سيطرة فيها اليسار إلى أخرى انحاز فيها إلى اليمين الذي انتهز الفرصة وأصدر قوانين الشريعة 1983م ، لذلك ترى تغييرات كثيرة منها ما سبب ويلات ومشكلات .
جعفر النميري لم يكن الجنرال الوحيد الذي أتى بمشكلات الحكم واستخدم القوة ، ولم يكن الأخير طالما هناك عقلية تفكر في أن من استولى على الحكم على ظهر دبابة الجماهير عنده لا تساوي ذبابة .
جعفر النميري لم يكن هو الوحيد المسيطر على دفة الحكم طوال سنوات حكمه والدليل هو تخبطه بين اليسار واليمين وبين هذا وذاك .
جعفر النميري مع ما حصل في نظامه يكتب اسمه في سجل التاريخ بماء الذهب ، وسنتناول في هذه المقالة نظام النميري بشكل مختصر مركزا على الإيجابيات والسلبيات في النقاط التالية :
الإيجابيات :
التنمية :
معظم الحكومات تتحدث عن التنمية وتعاني الشعوب تحت شعار التنمية ، ومعظم هذه الحكومات لا تعرف عن التنمية ولا تمارس منها إلا إطلاق يدها في ثروات البلاد وحرياتها ، كل قضايا العالم الثالث تندرج تحت التنمية إذا هي جوهر القضية ، فالتنمية لا يشترط فيها ايدلوجية معينة كما يزعم بعض أصحاب الايدولوجيات والمذاهب ، لأن بعض الدول الجادة وفقت إلى حكومات مخلصة واعية ، ففي مثل هذه الدول تحققت التنمية بمعدلات متفاوتة مثلا في الصين وكورية الشمالية والجنوبية وفي المغرب والجزائر إلى حد ما والبرازيل وباكستان ، وكلها نظم مختلفة متباينة الأيدولوجيات .
لذلك التنمية أصبحت جوهر ثورة مايو هي الغاية التي أعطت الثورة مبررها وهي الوسيلة لتحقيق أهداف الثورة هي المهمة الأساسية التي رأت هذه الثورة أن توظف كل الطاقات في سبيل إنجازها وهي المحك الذي يثبت وطنية وثورية الفئات والأشخاص ، وهي التي تحدد الصيغة السياسية والإجتماعية لتنظيم المجتمع على النحو الذي يحقق أكبر نجاح لسياسة النتمية ، بل أن السياسة الخارجية للسودان وظفت لخدمة هذا الهدف .
القيادات الدينية :
جاءت الموافقة والمساندة من أكبر القيادات الدينية خاصة الختمية وقام السيد محمد عثمان المرغني زعيم طائفة الختمية بإرسال رسالة تتضمن تأييده للثورة وعبر فيها بعض إلتزاماته تجاهها .
لكن الإمام الهادي المهدي اعتبر الإنقلاب الذي وقع في 25 مايو 1969م إنقلابا مصريا يسعى لفرض الوحدة بالقهر ولهذا بادره بالعداء .
فترة نظام حكم الرئيس جعفر النميري فترة طويلة ، ومن الصعب حصر إنجازاتها في مقال أو مقالين ، ولكن هذا ما استطعنا اقتضابه من تلك السلسلة الحافة بالإنجازات العامرة .
دعم وإنشاء البنوك الإسلامية :
تم التوسع في دعم وإنشاء المصارف الإسلامية مثل بنك فيصل الإسلامي والتضامن الإسلامي وكما تم إنشاء عدد من شركات التأمين والمؤسسات التجارية والعقارية مما خلق بديلا للمصاريف الربوية وهذا بدوره أدى إلى ضمان أموال الناس وضبط سلوك المعاملات والشؤون المالية والتصرفات التجارية عبر البنوك والمؤسسات التجارية .
النميري في حل قضية تشاد :
العلاقة بين السودان وتشاد علاقة أزلية إلا أنها تتغير أحيان بسبب التغييرات السياسية من أولى هذه التوترات كان بسبب الخلاف الحاد بين التشاديين المسلمين والجنوبيين الذين تولوا السلطة بعد خروج الإستعمار ، عندما تولى جعفر النميري السلطة في عام 1969م كان من خططه السياسية تسعى باتجاه تحسين العلاقات مع مصر ولاكن لا تخلوا خططه من ذكر القضايا الإفريقية في خطابات الثورة الرسمية ، كمساندة حركات التحرر الإفريقية الناشطة في تلك الحقبة .
قام الرئيس النميري لزيارة انجمينا لتحسين العلاقة بين البلدين خلال فترة حكم تمبلباي في فبراير 1971م ، إلا أن الأوضاع سرعان ما تدهورت بعد دخول ليبيا إلى قطاع أوزو في شمال تشاد عام 1973م وانقسام المعارضة التشادة الشمالية بين قوكوني المؤيد لليبيا وحسين هبري المعارض لدخول ليبيا وزاد من تدهور الأوضاع الإنقلاب العسكري الذي أطاح بنظام تمبلباي في 13ابريل 1975م ، عندها تعقدت أوضاع المنطقة جدا .
الخلاف الذي سبق ذكره بين المعارضة وبعد هزيمة هبري في هذا الخلاف دفع به للإنسحاب عن ليبيا إلى شرق تشاد ومن هناك دخل السودان تحت رعاية النميري وبدعم من أمريكا ومصر واسس قوات الشمال وتولت الحكومة السودانية توحيد الحكومة التشادية وحركة حسين هبري وأدى هذا السعي إلى إنعقاد مؤتمر الخرطوم في الفترة من 2ديسمبر إلى 16 ديسمبر 1977م ، بعد هذا المؤتمر في 22/1/1978م تحت رعاية النميري ، إلتقى ممثل الحكومة التشادية العقيد مماري وقائد القوات الشمالية هبري وأصدرا بيانا مشتركا أذيع في امدرمان وانجمينا ، لم تقف الحكومة السودانية وعلى رأسها النميري إلى هذا الحد بل سعت في تحقيق المصالحة الوطنية بين قوات الشمال والحكومة ، وتوصل الطرفان إلى توقيع اتفاقية أخرى بتاريخ 25/2/1978م أصبح بموجبها حسين هبري رئيسا للوزراء ، هذا النجاح حفز الفصائل الأخرى للتفكير في دخول المصالحة مع الحكومة ، وتقدم السودان بعقد مؤتمر للمصالحة بين الفصائل والحكومة بمشاركة كل من ليبيا والنيجر وترأس المؤتمر الرائد أبو القاسم محمد إبراهيم نائب الرئيس أنذاك .
كان السودان حاضرا في كل المؤتمرات التي إنعقدت بسبب القضية التشادية مثلا في مؤتمر كانو الأول وكانو الثاني بقيادة عز الدين حامد وزير شؤون الرئاسة .
في نظري أسباب مشاركة النميري في حل القضية التشادية :
1. امتلاك روح المبادرة وتحسين علاقاته مع الجوار حفاظا على مصالحه وأمنه الحدودي .
2. بسبب دخول ليبيا في تشاد وذلك لأن حكومته توالي أمريكا وليبيا كان العكس .
قضية جنوب السودان :
جعفر النميري حقق السلام في جنوب السودان بعد حرب طويل وذلك عن طريق المفاوضات مع الجنوبيين الذين كانوا يحملون السلاح في ذلك الوقت وهي حركة (أنانيا) بزعامة جوزيف لاقو ووقع معها اتفاق أديسا بابا في عام 1972م الذي جلب السلام لمدة عشرة أعوام ، لكن لم يلتزم بمعاهدة أديسا بابا وأدى ذلك إلى تجديد الحرب في الجنوب بزعامة جون قرنق بسبب استجابة النميري توصية من جنوب السودان بإعادة الولايات الجنوبية الثلاث بدلا عن الإقليم الواحد المنصوص عليه في اتفاق أديسا بابا ، هؤلاء الذين قدموا هذه التوصية رأوا أن بعض إخوانهم من قبيلة الدينكا يسيطرون على الجنوب في ظل الإقليم الواحد .
مصر المجاورة :
مصر : ولقد كانت اتفاقية التكامل مع مصر هي أولى خطوات النميري ، ثورة مايو جاءت بعد ما انهارت كل محاولات خلق أو افتعال أعداء مع مصر من قبل حزب الأمة ثم النظام العسكري ، وهذا الانهيار قد يكون بسبب تأثير ردة فعل الشعب السوداني ضد هذه المحاولات ، وربما بتأثير الطهارة الثورية التي تميزت بها قيادة مايو ؛ وبما بمجموع هذه العوامل .
خاصة بعد مجيء النميري عادة المياه إلى مجاريها واستؤنفت العلاقات الأزلية بين البلدين ، وهي من انجازات ثورة مايو ، كان الرئيس النميري يطوف دول إفريقيا يعبأ حكوماتها وشعوبها للمعركة المنتظرة ، وهذه الرحلة قد لعبت دورا أساسيا في الوقفه الإفريقية في اكتوبر 1973م ، ولعل هذا يفسر الحقد الصهيوني على ثورة مايو وتجنيد أجهزتها في خدمة أي مغامر ضد النظام .
المصالحة :
من أهم انجازات جعفر النميري المصالحة التي حصلت في عام 1977م ونتج عنها توسيع المشاركة الشعبية ، وتعميق النهج الديمقراطي ، وتركيز روح الديمقراطية والحرية والقيادة الجماعية ، وضرورة اجتياز التنظيم مرحلة التبشير إلى مرحلة السياسات التفصيلة حول القضايا الفكرية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية ، بعد هذه المصالحة ارتفعت عضوية اللجنة الركزية من 90 في عام 1972م إلى 490 في عام 1977م ، وكذلك ارتفعت عضوية المكتب السياسي من 15عضوا إلى 30عضوا في نفس الفترة .
الإخوان والنميري :
الإخوان المسلمون استفاد من فترة حكم النميري ولا سيما بعد ضرب وقمع الشيوعيين في يوليو 1971م حتى سيطروا على اتحاد طلاب جامعة الخرطوم ، كما استفادوا من المصالحة الوطنية مع النميري في 1977م وقامت منظمات في هذه الفترة مثل منظمة الدعوة الإسلامية وجمعية الإصلاح والمواساة والوكالة الإسلامية للإغاثة ، كما أقاموا مؤسسات تعليمية مثل إنشاء المركز الإسلامي الإفريقي وعدد من المدارس ، وشاركوا في مؤسسات نظام النميري (مجلس الوزراء ومجلس الشعب ) وغيره من المؤسسات كما توسعوا في ميدان العمل التجاري والإستثماري وأسهموا في إدارة البنوك الإسلامية ومؤسسات الإستثمار الإسلامية .
الزراعة :
من إنجازات النميري التوسع في المشاريع الزراعية في البلاد ومن بينها المشروع الزراعي (الفاو) وسط البلاد الذي يوصف بأنه من المشاريع الرائدة في البلاد ويعد من المشاريع الزراعية الكبرى في إفريقيا والمنطقة العربية ، وأحدث التوسع في زراعة السكر ، واشهر ما قام به في هذا الجانب إنشاء مصنع سكر كنانو جنوب الخرطوم ، وهذا الإنجاز يعتبر من أهم مصانع السكر على مستوى العالم .
التوسع في العليم العام والعالي :
ما شهده السودان من ناحية التعليم في عهد النميري لم يشهده في أي عهد آخر ففي عهده كانت الدراسة مجانية لمن يملك ذكاءا فعهده كان ذهبيا ولا يشترط في ذلك وساطة ولا قرابة وإنتماء حزبي الكل في ذلك سواء بل يقدم للدارسين خدمات عالية جدا وهذه زيادة على مجانية الدراسة وهذا ما تفقده الحكومات بعده وتعاني منه الشعوب وكم من شاب لم يستطع مواصلة الدراسة بسبب رسوم الدراسة فضلا عن الظروف الإجتماعية مثل السكن والمعيشة والمواصلات وكان في عهده يرسل البعثات إلى الخارج وتدعمهم لمواصلة الدراسات العليا الدول المتقدمة ويرجعوا بذلك العلم وما كسبوا من خبرات وتجارب إلى السودان .
تفقد الأقاليم ميدانيا :
كان مما يتميز به النميري هو تفقده لأحوال الشعوب والمواطنين لكن ليس عبر المؤسسات الموكلة بهذه المهمة إنما يتفقد بنفسه ويقف على مدينة أو على كل إقليم بل حتى الأسواق والمراكز العامة ويرى الحاصل بأم عينيه ويأخذ على إثره التقارير والقرارات وهذا أدى إلى تغيير بعض الأمور السلبية في أسرع وقت ويحل المشكلات قبل تفاقمها .
الإهتمام بالجيش :
جعفر النميري طور القوات المسلحة السودانية ونظمها وجعلها قادرة على الدفاع عن السودان ووحدته واستقراره وأمنه وهذا أدى إلى الإستقرار السياسي ، وهذا الإستقرار مكنه من أن ينجز الكثير من الأمور .
الإستفادة من الدول :
بالرغم من أنه أعلن سياسته الخارجية في السنوات الأولى لحكمه تميل إلى الشرق الإتحاد السفيوتي آنذاك إلا أنه بعد فترة من الزمن فكر وقدر أن مصلحة السودان تستدعي الإإستعانة ببعض الدول الغربية كما أقنع من خلال تلك العلاقات الحكومة الإمريكية باستخراج البترول في السودان وخلق للسودان موقعا سياسيا معتبرا في المنطقتين العربية والإفريقية وحاول بقدر الإمكان أن يستفيد من تجارب الدول حتى يحسن اقتصاده ويطور بلده وسلك هذا المنهج حتى وصل إلى ما وصل إليه .
النميري وقضية فلسطين :
إن دعم النميرى للقضية الفلسطينيةكان بلاحدودخاصةفى أحداث أيلول الاسودبين الفلسطينين والاردنيين أثناءالمواجهات بين الجيشين فى عام 1970بعثه جمال عبدالناصرعلى رأس وفدعربى يضم الراحل سعدالعبدالله الكويتى والباهى الادغم من التونس ليتفاكرثلاثتهم مع القيادةالاردنيةحول تلك الاحداث واستطاع النميرى ووفده ان يعودإلى القاهرةوفى معيسته الزعيم الفلسطينى ياسرعرفات الذى كان محاصرابسبب تلك الاحداث فإن تكليف عبدالناصرله بالمهةكان يؤطدبأنه يتمتع بسمعة طيبة وسط الدول العربية .
قوانين سبتمبر :
إن جعفر النميري تشهد له الأمة السودانية وعلى رأسها القيادات التشريعية والتنفيذية بما قدمه إبان فترة توليه الحكم فهو اصدر قرارات شكلت الواقع المعاش الآن بما فيها أسلمة القوانين السودانية وتطبيق الشريعة الإسلامية وهذا أعظم ما يمكن انجازه ، وهذه القوانين ما زالت سارية إلى يومنا هذا .
السلبيات :
التأميم والمصادرة :
في 25 مايو من عام 1970م قام النميري بتأميم البنوك والشركات الأجنبية وأيضا بعض المؤسسات الوطنية وشرعت الحكومة وقتها على تنفيذ قرارات الرئيس على الفور وقامت الشرطة بوضع يدها على هذه البنوك والمؤسسات وأقيمت عليها حراسة مشددة لحين وصول لجان الجرد ، وكان واضحا وقتها أن قرارات التأميم والمصادرة كان مفاجئا للمسؤولين الكبار الذين لم يتم اخطارهم مسبقا حتى يقوموا بتجهيزات لجان الجرد ، وبعجالة سريعة تكونت لجان من الوزارة المالية وبنك السودان والوزارة الداخلية ومجلس الوزراء كل أعضاء هذه اللجان لم يسبق لهم من قبل أن قاموا بعمليات جرد بصورة كبيرة لمؤسسات وبنوك وشركات أجنبية لذلك من الغرائب التي حصلت في يونيو 1970م قامت بها اللجان أثناء عملها ، فقد قام بعض أعضاء من هذه اللجان وربما عندهم من السلطات الواسعة بمداهمة بعض المنازل التي أصحابها من الذين تمت مصادرة مؤسساتهم وأمروا السيدات بخلع كل ما بحوزتهن من عقود وأساور وخواتم وأيضا ما بالخزائن من عملات وأوراق وتسليمها للجنة الجرد .
تقول الأرقام التي جاءت بعد الإنتفاضة 6 أبريل 1985م أن ما تم جمعه من ذهب وحلي وعملات صعبة تمت مصادرتها من الأسر قد فاقت في قيمتها أكثر من 7مليون دولار ، لا يدخل في هذا الرقم ما كان موجودا في البنوك الأجنبية .
حل الإدارة الأهلية :
أن من القرارات غير الموفقه التي أتخذها النميري قرار حل الإدارة الأهلية في السودان وأدى إلى تفاقم الأوضاع الأمنية في الجنوب ولولا حلها لما قامت مشكلة دارفور لأن الأدراة الأهلية أقوى من الإدارة الرسمية في حل المشكلات وإدارة الأزمات وضبط الأمن وسط المواطنين وملاحقة الخارجين عن القانون وفي العقاب والتحذير .
عسكرية النظام :
ما إن وجد العسكر فرصة للإستيلاء على السلطة إلا قفز إلى مقاليد الحكم والسيطرة عليها منهم من يفعل ذلك متوهما مصلحة الوطن ومنهم من تأخذه روح المغامرة ويشارك في إنقلاب من أجل تحقيق مكاسب ذاتية حيال ذلك أن غالبية الجنرالات إلم يكن جميعهم يفشلون في تسيير دفة الحكم خاصة أولئك الذين يسيئون اختيار نفر من التكنوقراط ليساعدهم في إيجاد شرعية للحكم جاء على فوهة البندقية .
تغيير الولاءات والإتجاهات :
الوزراء وقيادات الجيش السوداني والمسؤولين الكبار كان ولائهم للنميري ولاءا مطلقا حتى اللحظات الأخيرة لنظام النميري لذلك لم يخالفوا النميري في كثير من التصرفات بغض النظر عن الخطأ والصواب ولم يراعوا في ذلك انتمائهم الوطني والحزبي حتى الدين في بعض الأحيان وهذا الولاء المطلق إنتهى بهم إلى غضب الشعب ومن هناك سقط النظام .
عدم الإلتزام بمعاهدة أديسا بابا :
مع أن النميري اتفق مع الجنوبيين ووقع اتفاق أديسا بابا إلا أنه لم يلتزم بهذه الإتفاقية لحصول عدة اختراقات في تلك الإتفاقية منها :
1. لم يتح للجنوبيين فرصة إختيار ممثلهم على رأس المجلس الإقليمي في الجنوب إنما اختاره النميري دائما عبر عضوية الإتحاد الإشتراكي كتنظيم شمولي .
2. توقع الجنوبيون نهوضا تنمويا تبشر به حكومة النميري كل السودان في ظل استقرار الحكم عموما وحل مشكلة الجنوب خصوصا فإن برامجها الإقتصادية والتنموية التي أتيح تنفيذها تضمنت مزيدا من الإفقار في الجنوب ، كما نقل عدد من المشاريع كان من الممكن أن تقام في الجنوب مثل مشروع سكر منجولا وسكر ملويت ومشروع تعبأة الفواكه ومشروع استمنت كابيوتا بينما أنشأت مشاريع في الشمال لنفس القطاعات (سكر كنانة وفواكه كريمة إلخ .. ) .
زيادة الديون على الدولة :
الديون الخارجية وصلت إلى 34 مليار دولار في عام 2008م معظم هذه الديون في عهد النميري بسبب اكتساب الشرعية عن طريق النهوض الإقتصادي.
تكميم الصحافة :
أن من سلبيات النميري تكميم الصحافة والإعلام حيث قامت حكومته بمصادرة جميع الصحف والمجلات ما عدا اثنتان وكانت الإذاعة والتلفزيون تتغنى بإيجابيات النميري دون السلبيات .
تقييد الحرية الاكاديمية :
أن من لوازم النهوض والتطور إطلاق الحرية الأكاديمية في كل الجوانب لكن للأسف التاريخ لم يشهد لحكومة النميري تبني هذه الفكرة بل كبتت الحريات ولم تترك الفرصة للأكاديميين لتطوير هذا المجال وأدى هذا إلى هجرة العقول خارج السودان .
فترة نظام حكم الرئيس جعفر النميري فترة طويلة ، ومن الصعب حصر كل ما سجل له من إيجابيات وما حسب عليه من سلبيات في مقال أو مقالين ، ولكن هذا ما استطعنا اقتضابه من صفحات تاريخ هذه الشخصية الرمزية في تاريخ السودان .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق